كلمة سماحة اية الله محمدجواد فاضل لنكراني في مهرجان ربیع الشهادة

06 شعبان 1436

12:24

۶,۵۲۸

خلاصة الخبر :
الكلام حول انه اذا اردنا ان ننظر الى ثورة الامام الحسين (عليه السلام) و واقعة عاشوراء بمنظار العقل والقعلانية وندرسها على اساس العقل فهل هذه الدراسة صحيحة؟
آخرین رویداد ها

كلمة سماحة اية الله محمد جواد فاضل لنكراني(دامت بركاته)

في مهرجان ربيع الشهادة

العظمة العقلانية في ثورة الامام الحسين (ع)

بسم الله الرحمن الرحیم الحمدلله رب العالمین
و الصلاة و السلام علی سیدنا و نبینا ابی القاسم محمد و آله الطیبین الطاهرین المعصومین
و لعنة الله علی اعدائهم اجمعین من الآن إلی قیام یوم الدین

«وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ»

الكلام حول انه اذا اردنا ان ننظر الى ثورة الامام الحسين (عليه السلام) و واقعة عاشوراء بمنظار العقل والقعلانية وندرسها على اساس العقل فهل هذه الدراسة صحيحة؟

 المشهور ان واقعة عاشوراء يعجز العقل عند دركها، وليس للعقل فيها مجال، ولا ينبغي ان نتبع التوجيهات العقلية لحادثة عاشوراء، بل يجب ان ندرس كربلاء ونفهمها على اساس الحب واثار الحب، فهل هذا الكلام صحيح و هل هذا الكلام ينسجم مع العلوم الدينية.؟ بطلان هذه المطلب واضح وان كانت هذه البضع دقائق لا تكفي لاسيتفاء البحث، لكن لما كان هذا البحث من الابحاث المهمة، فيجب على الحسينيين ان يلتفتوا الى هذه الجهة التي هي من اهم المسائل الحسينية وهي مسألة العقل بين المجتمع والاشخاص.

ان الله تعالى يبين في كتابه الكريم اياته ودلائله مراراً ثم يقول بعد ذلك افلا تعقلون، ثم يذم بعضهم ويقول افلا تعقلون؟ وهذا عجيب جداً، فان الناس ياتون الى الدنيا ثم يرحلون عنها و لا يلتفتون الى العقل، فمن يغفل عن هذه النعمة الكبيرة لا يدرك معنى الحياة الانسانية، ولم يفهم حقيقة الحياة.

فحينما نرجع الى الايات والروايات نرى انه قد جاء بشأن العقل مسائل كثيرة فما هو العقل؟ وما هو الذي يوجب تكامل العقل؟ و ما هي الامور التي تمنع عن كمال العقل وفساده؟ وما هي اجزاء العقل؟ فهذه امور يجب علينا التوجه اليها حقيقية وطريق ذلك هو هذه الايات والروايات.

ان اول بحث في كتاب اصول الكافي للمرحوم الكليني والذي تعرض له قبل مباحث التوحيد والمباحث الاعتقادية هو عبارة عن العقل، وما اجمل الروايات التي وردت في هذا الكتاب بشأن العقل، راجعوا الكلمات القصار لامير المؤمنين (ع) واني قد اجريت احصائية اجمالية فان لامير المؤمنين (عليه السلام) 258 كلمة بشأن العقل، و يجب ان نبحث حقيقة في لكل كلمة من تلك الكلمات ساعات كثيرة، ومن المؤسف ونحن ممن يسير في طريق الدين ان تكون هذه المأئدة حاضرة ولا نستفيد منها شيئاً. ويكفي ان يكون لدينا مقداراً من الارتباط بالايات والروايات وندرك مفاهيمها ونعمل بها حتى يصبح مسير حياتنا مسيراً عقلائياً.

ان للعقل دوراً مهماً فيما تداول الحديث عنه اليوم تحت عنوان (نمط الحياة وطريقتها) فلو راجعنا الايات والروايات لوجدنا اول و اهم العوامل لتحقيق سلوك الحياة الدينية هو ان تبتني الحياة على اساس العقل، فالحياة اذا لم تبتني على اساس العقل فهي ليست حياة دينية و لا يفرق بعد ذلك باي عنوان تتسم هذه الحياة.

جاء في رواية صحيحة عن الامام الباقر(ع) ( لما خلق الله العقل استنطقه) والمراد من العقل في الرواية هو عبارة عن القوة التي نميز بها الخير من الشر، و نعرف بها الحسن من القبيح، و ندرك الحق من الباطل، حينما يسأل الانسان ما هو السبب في حصول واقعة كربلاء؟ فجميع الاسباب ترجع الى ان الناس في ذلك الزمان جعلوا على عقولهم غشاوة، ولم يحبثوا لمعرفة الحق من الباطل، فالعقل هو تلك القوة التي يميز بها الانسان الحق من الباطل، ان الله تعالى لما خلق العقل استنطقه وكانه اعطاه القدرة على الكلام ( ثم قال له اقبل فاقبل ثم قال له ادبر فادبر(  وهنا يوجد بحث كثير  ما هو معنى الاقبال والادبار هنا؟ الجواب هو عبارة عما ورد في الروايات من ان من يطيع الله تعالى فهو عاقل و من لا يطيع الله تعالى فليس بعاقل، أي اذا جعل الانسان العقل هو المعيار في حياته، فالعقل يقول اقبل نحو الله تعالى اذهب نحو طاعة الله، واما اذا ترك العقل فسوف يتوجه نحو الفساد و اطلاق العنان، نحو الحرب والدماء وهذا معنى ان الله تعالى قال للعقل اقبل فاقبل و ادبر فادبر.

وهذا كناية عن ان العقل قوة بها يطاع الله تعالى، (ثم قال وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً هو احب الي منك) اي ثم قال للعقل ايها العقل: انه لا يوجد شيء من مخلوقاتي حتى الملائكة التي تعبد وتسبح الله دائما، الدنيا، المجردات، الماديات و كل شيء احب الي منك، وهذا الكلام له وزنه بحيث يخاطب الله تعالى العقل بمثل هذا الخطاب ثم قال جملة مهمة وهي: ( ولا أكملتك الا فيمن احب) فالانسان الذي احبه اكمل العقل فيه، و كلما اصبح العقل اكمل كان الانسان اكثر طاعة لله تعالى.

و يستفاد من الروايات اذا كان العقل موجودا فسيتحلى الانسان بجميع الخصال المحمودة، واما اذا زال العقل زال الحياء و زالت العفة، و زالت الغيرة، و تحقق الظلم والشاهد على ذلك رواية الاصبغ بن نباتة عن امير المؤمنين حيث قال (ع): «هَبَطَ جَبْرَئِيلُ عَلَى آدَمَ(ع) فَقَالَ يَا آدَمُ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أُخَيِّرَكَ وَاحِدَةً مِنْ ثَلَاثٍ فَاخْتَرْهَا وَ دَعِ اثْنَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ آدَمُ يَا جَبْرَئِيلُ وَ مَا الثَّلَاثُ فَقَالَ الْعَقْلُ وَ الْحَيَاءُ وَ الدِّينُ فَقَالَ آدَمُ إِنِّي قَدِ اخْتَرْتُ الْعَقْلَ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ لِلْحَيَاءِ وَ الدِّينِ انْصَرِفَا وَ دَعَاهُ فقالا يَا جَبْرَئِيلُ إِنَّا أُمِرْنَا أَنْ نَكُونَ مَعَ الْعَقْلِ»  وهذا يعني انه اذا كان العقل موجوداً فالحياء والدين ايضا موجودان وهناك حديث يطابق هذه الرواية حيث يقول: من لا عقل له لا دين له و من لا عقل له لا حياء له.

اذن فالعقل احب مخلوقات الله تعالى، وان الله تعالى اذا احب انسانا جعل عقله كاملاً والان لا بد ان نلاحظ باي شيء يكون كمال العقل؟ فاينما كان العقل كانت الخصال الانسانية الحسنة، وقد ورد في بعض الروايات الاخرى ان الانسان العاقل قانع، وان الانسان الطماع قد زال عقله، واما الانسان العاقل فهو يقتنع بما اعطاه الله تعالى، وهو يقتنع بما اعطاه الله من منصب ومنزلة، و بحسب التعبير المعاصر ان هذه الامور رموز لمعرفة الانسان، علينا ان نلاحظ انفسنا هل لدينا قناعة في حياتنا او لا؟ فان لم تكن هناك قناعة اذن فنحن لا نستفيد من عقولنا!

الانسان العاقل يشكر الله تعالى دائما، وقد وردت في الروايات ان من جملة الصفات المهمة جداً والتي يهتم بها اولياء الله هي اليقين، وقد جاء في الروايات ان من يستخدم عقله يصل الى مرحلة اليقين، واما من لا يستخدم عقله فلا يصل الى مرحلة اليقين، فالانسان لا يتمكن من الوصول الى اليقين والتسليم الى الله تعالى بدون العقل. و من جملة اثار كمال العقل اطاعة الله تعالى، ومن جملة الامور المهمة التي يجب ان نتوصل اليها الليلة هي ان الامام الحسين(ع) قال:( و لا يكمل العقل الا باتباع الحق) فالعقل انما يكمل في اتباعه الحق، اي ان من يتبعون الحق فهم عاقلون، ان من يعرضون انفسهم الى الشهادة فهم اعقل الناس، والامام الحسين (عليه السلام) اعقل الناس، والشهداء ايضا كذلك.

و كان جماعة من الناس في زمن رسول الله(ص) والائمة المعصومين(ع) قدموا انفسهم شهداء في جميع الحروب والازمات، وكان يقول الاخرون ان هؤلاء اخطأوا فقتلوا انفسهم فلا عقل لهم، فلو انهم تركوا القتال واستمروا في حياتهم، وهذا خلاف منطق الدين وخلاف منطق الامام الحسين(ع)، وهذا المطلب مهم جداً، فلا ينبغي ان نقول ان الامام الحسين (ع) حبه لله تعالى اجبره على المجي الى كربلاء فاذا طرحنا مسالة الحب فلا يجب علينا الاتباع، فان الحب لا الزام فيه ولا تكليف، فان الانسان اذا وصل الى مراحل عالية من المعنوية فتحصل له حالة الحب لله تعالى، وهذه المرحلة لا يمكن للاخرين تحصيلها، فبعضهم يطرح كربلاء بهذا العنوان وبعد ذلك سيواجه مئات الاسئلة و حينئذ يبدي بعض الخرافات والبدع والاضافات الى هذه الحادثة والواقعة، وبناء على هذا المبنى يقولون فاذا دخلت مسالة الحب لله فيمكن للانسان ان يعمل ما يشاء، فهنا يجب ترك الدين وترك العقل فيجب ان نلاحظ بناء على مسلكنا وهو الحب ان هذا الحب باي شيء يامرنا.

فهذه الخرافات في الحقيقة تسيء الى هذه الواقعة، واذا ارادنا ان نوضح واقعة عاشوراء الى العالم يجب ان نستند الى هذه الجنبة العقلية، بان نقول ان شهادة الامام الحسين(ع) وشهادة طفله الرضيع مبتنية على المسائل العقلية المسلمة، وفي الحقيقة ان ثقافتنا الدينية تدل على ان اطاعة الله تعالى موجبة لكمال عقل الانسان، فان من يجلس في البيت ولا يهمه بعد ذلك هل تم القضاء على الدين ام لا و هل هناك هجوم عليه او لا، فهذا الانسان غير عاقل، فالانسان العاقل هو من ياتي الى الميدان وينادي و يدافع عن الاسلام واذا اقتضى الامر ان يضحي بنفسه يضحي بها.

ان الامام الحسين (ع) قال لمعاوية ( ولا يكمل العقل الا باتباع الحق) فيا ايها الانسان ان كنت تريد ان يصل عقلك الى الكمال فيجب ان لا تكون المسافة قليلة بينك وبين البهائم ، وقد ارضينا انفسنا و اقتنعنا بهذا المقدار باننا لدينا عقل والبهائم لا عقل لها، لكن ان لم نستفد من عقولنا فما هو فرقنا عن تلك البهائم؟ من قبيل من يكون لديه في الظلام مصباح و الاخر ليس عنده ذلك، فان هذا الذي عنده المصباح اذا لم يشغل المصباح فلا فرق بين الاثنين، فيجب ان يتكامل العقل، فالانسان المسلم يجب عليه ان يرى مقدار تكامله و نموه العقلي في هذا اليوم بالنسبة الى اليوم الماضي. وهذا ما يوجب حياته وعزته، و يوجب عروجه، ولا يكمل العقل الا باتباع الحق.

قال الامام الصادق(ع) (ليس بين الايمان و الكفر الا قلة العقل) اي ان الذي يخرج الانسان عن حد الايمان هو قلة العقل، اي ان الانسان لو لم يستخدم عقله بصورة صحيحة فسوف يبتلي بالانحراف، فاذا لم يستفد من عقله بصورة صحيحة و اتبع هواه و شهواته،  فسوف يقع في دائرة الكفر، و ان الذي يُبقى الانسان في دائرة الايمان انما هو العقل.

ان من يبحث اليوم حول طريقة و نمط الحياة و هذا البحث من الابحاث المهمة والضرورية جداً لمجتمعنا، فينبغي ان يتلفت الى هذا الامر، ان مجتمعنا وان كان مجتمعاً اسلاميا ومجتمعا ثورياً الا انه يوجد ابتعاد كثير عن نمط الحياة الدينية، فينبغي ان يكون العقل هو المحور، وهذا الامر قد ورد عن النبي الاكرم (ص) وعن اهل بيته (عليهم السلام) بكثرة، حيث يطرح السؤال منهم عن رجل كان يصلي صلاة الليل ولا يترك النوافل و في كل سنة يحج فسأل رسول الله (ص) كيف عقله؟ فان هذا سؤال عجيب! ما هو مقدار عقله؟ فهل يستخدم عقله في حياته ؟ فاذا استخدم الانسان العقل حينئذ سيقول له العقل كيف ينبغي ان تكون علاقته بالله تعالى؟ ويقول له لا ينبغي لك ان تؤذي الاخرين.

وهناك رواية مهمة عن الامام الباقر (ع) عن النبي الاكرم(ص): «لَمْ يُعْبَدِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِشَيْ‏ءٍ أَفْضَلَ مِنَ الْعَقْلِ»  ان الله لا يعبد بشيء افضل من العقل اي انه كلما استخدم الانسان عقله فان نفس هذا الاستخدام للعقل هو عبادة فكلما استخدم الانسان عقله في الابعاد المختلفة( الشيخصية، الاجتماعية، السياسية) فهو عبادة، ثم قال (ع): «وَ لَا يَكُونُ الْمُؤْمِنُ عَاقِلًا حَتَّى تَجْتَمِعَ فِيهِ عَشْرُ خِصَالٍ:

الخصلة الاولى: «الْخَيْرُ مِنْهُ مَأْمُولٌ» فهو دائماً يبحث عن عمل الخير و امله وهدفه عمل الخير وضالته وهمه وغميه صدور عمل الخير منه.

الخصلة الثانية: «وَ الشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونٌ» فلا يصل منه الشر الى الاخرين وليسه غرضه عمل الشر.

«يَسْتَكْثِرُ قَلِيلَ الْخَيْرِ مِنْ غَيْرِهِ»‌ فاذا صدر من الاخرين خير فالانسان العاقل يعد هذه العمل كبيراً، ما اعظم العمل الذي عملته، افرضوا لو كنتم في مجلس عزاء فقام شخص بحمل استكان الشاي من مكان الى اخر فالعاقل لا يقول لذلك الشخص، لم تعمل عملاً مهما، بل العاقل من يرى عمل الاخرين عظيما وان كان قليلاً. وعلى العكس يرى العمل الكثير والكبير الذي يصدر منه صغيرا وقليلا فيقول مثلا بالرغم من اني اصلي صلاة الليل منذ 50 سنة الا ان هذا العمل قليل واني لم اعمل شيئاً، او يقول بالرغم من اني جاهت في سبيل حفظ الثورة الاسلامية 30 سنة الا ان هذا العمل قليل.

ان السيد الامام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) بالرغم من ذلك العناء العلمي، بالرغ من من ذلك العطاء الذي قدمه ليس لايران فحسب بل للعالم البشري، وبالرغم من الثورة العظيمة التي صنعها بالرغم من ذلك كله يقول الهي ان بدى مني قصور او تقصير فمنك اطلب العفو، فهو يعترف ويقول اني لم اصنع شيئاً فهذا هو العقل، فمن يعمل شيء بسيطاً ويرائي به الاخرين، ويقول انا الذي عملت هذا العمل في فلان مجلس، ما اعظم ما صنعته انا! فهذا يعني انه قد ترك عقله، (يستقل كثير الخير من نفسه).

) وَ لَا يَسْأَمُ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ طُولَ عُمُره) فهو يبحث عن العلم في كل عمره، فيجب على الاسر والعوائل لا سيما الاباء والامهات ان يتوجهوا نحو العلم والتعلم فيجب ان يكون المستوى العلمي للعوائل جيداً ان من جملة الامر التي تطرح في المنهاج الحياتي وطريقته هو التعلم، فيجب ان نتعلم علومنا احكامنا وعقائدنا جيداً فينبغي ان نعلم ان لسنا على المستوى المطلوب الذي يتوقعه المجتمع الديني منا، فالانسان العاقل حينما يجلس من النوم صباحا ينبغي ان يقول ماذا اتعلم ؟ اتعلم اي اية واي حديث واي مطلب اخلاقي؟ ( الذل احب اليه من العز) ان العزة الواقعية يبحثها عند الله تعالى ومن هنا فاذا لم يحصل على عزة ظاهرية دنيوية ولم يكن معروفا بين الناس احب اليه من الحصول عليهما (والفقر احب اليه من الغنى).
الى ان يصل الى الخصلة العاشرة فيقول(ع): «وَ الْعَاشِرَةُ وَ مَا الْعَاشِرَةُ لَا يَلْقَى أَحَداً إِلَّا قَالَ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي وَ أَتْقَى»
حتى يعتقد ان كل انسان افضل منه واتقى يقول الامام(ع) في بيان هذه العبارة لان الناس ما عدا الشخص على قسمين اما القسم الاول وهم الذين اتقى منه حقيقة فيجب عليه احترامهم و تقديرهم ويدعو الله تعالى ان يجعلهم مثلهم واما القسم الثاني: فهم غير المتقين والذين هم بحسب الظاهر فساق، الا ان الانسان العاقل ينبغي ان يعتقد ان هذا الانسان الفاسق افضل منه لماذا؟ لانه جاء في الروايات انه لعل عاقبة هذا الفاسق تكون على خير وتكون عاقبة هذا الشخص الناظر سيئة فهذا هو العقل اي ان يكون الانسان قلقاً بالنسبة الى عاقبته ولهذا السبب يرى الاخرين خير منه.

وقلت لكم انه ان هناك كلمات قصار لامير المؤمنين عليه السلام 258 ترتبط بالعقل ينبغي للانسان ان ينظر في كل واحدة منها ويفكر فيها من جملتها قوله(ع) (سبب فساد العقل حب الدنيا) ان الذي يفسد عقل الانسان هو عبارة عن حب الدنيا، ولذا نجد ان سبب حادثة كربلاء عبارة عن حب الدنيا والتعلق بملك الري مع انه كان يعلم بان الحسين(ع) على حق، وبالرغم من انه كان يعلم  ان الامام الحسين (ع) ابن بنت رسول الله (ص) فحب الدينا اعمى قلوبهم، و في مقابل ذلك كان الامام الحسين في غاية العقل ولذا قال علي الاكبر (ع): «يَا أَبَتِ لَا أَرَاكَ اللهُ سُوءاً أَ لَسْنَا عَلَى الْحَقِّ. قَالَ: بَلَى وَ الَّذِي إِلَيْهِ مَرْجِعُ الْعِبَادِ. قَالَ: فَإِنَّنَا إِذاً لَا نُبَالِي أَنْ نَمُوتَ مُحِقِّين‏» وقد لاحظتم انه لم يكن هناك سبيل لحفظ الدين غير الشهادة فيجب ان يقدم نفسه و اولاده و اصحابه في سبيل حفظ الدين و يقدم اهل بيته اسرى لاجل حفظ الدين ومن هنا فقد تقدم في هذا الامر المهم بكل اطمئنان ولم يكن متردداً فيه.

( ولا يكمل العقل الا باتباع الحق) فيجب ان نعرف ما هو الحق؟ فاذا اردنا ان يكمل عقلنا فيجب علينا ان نتبع الحق في كل مكان و زمان فالامام الحسين  (عليه السلام) حينما خاطب معاوية في هذه الرواية فقد اعترف معاوية وقال: انتم اناس ليس عندكم غير الحق.

قد جاءت ايات و روايات كثيرة فيما يتعلق بالعقل وتكامله واسبابه وموانعه واسباب فساد العقل فحينما يقول الله تعالى لم اخلق شيئاً احب لي من العقل يقول ايضاً لا اكمل هذا العقل الا لمن احب، فهل نحن بالرغم من وجود هذه المطالب الدينية الغنية والمعارف الاسلامية الاصيلة نستطيع ان نقول بشأن ثورة الامام الحسين (ع) انه كانت مبنية على الحب والوله في الله تعالى، ان هذا الكلام خاطيء وبحسب نظري ان اكبر المسائل التحريفية في عاشوراء ان نجعل ما صنعه الامام الحسين (ع) يوم عاشوراء  على اساس وقاعدة مختصة بالامام الحسين (ع) ولا تشمل الاخرين، واما اذا وضعناها على اساس العقل فحينئذ سيكون ما صنعه الامام الحسين (ع) تكليف الجميع، فحينما نقول ان الامام الحسين(ع) قد قدم عبد الله الرضيع في سبيل الله تعالى فهذا العمل منه كان على اساس العقل والحكمة لا الحب في الله فحسب، وما نراه وللاسف من بعض الشعراء واحيانا نرى ان بعضهم يريد ان يخرج قضية الامام الحسين(ع) عن مجال العقل فهذا في الواقع من اشنع الوان التحريف في قضية الامام الحسين عليه السلام، فيجب ان نقول للناس ان حركة الامام الحسين (ع) كانت على اساس العقل، فان عقل الانسان يامره باطاعة الله تعالى، ويامره ان يذهب الى جبهة القتال و يقدم نفسه في سبيل الله تعالى، وقلت لكم ان شهداء الثورة الاسلامية انما قدموا انفسهم فداء للاسلام بناء على هذا العقل، فان اعقل الناس هم الشهداء لانهم قد وصلوا الى قمة العقل والكمال العقلي.

 و اما سبب تأخرنا لانا لم نستخدم عقولنا ولم نستفد منها ولم نصل الى الكمال الحقيقي، ولم نصل الى قمة العقلانية، و اما لو اصطحبنا العقل السليم لأرتفعت كثير من الخرافات والبدع.

 

لا حول و لا قوة إلا بالله العلی العظیم
اللهم اجعل حياتنا حياة حسينية

اجعل عواقب امورنا خيرا

اللهم انصر الاسلام والمسلمين و انصر جيوش المسلمين واخذل الكفار والمنافقين

اللهم اجعل العقل هو الحاكم في حياتنا .

وفقنا لمعرفة القران وعلوم اهل البيت (ع).

 

والسلام علیکم و رحمة الله و برکاته

 

الملصقات :

مهرجان ربيع الشهادة مهرجان ربيع الشهادة ثورة الامام الحسين(ع)